يتسأل الكثير عن مدى جدوى انشاء كليات متخصصة فى الثروة السمكية وما هى أوجه الاختلاف بينها وبين الأقسام العلمية التى بكليات الزراعة العلوم. ونظرا لأهمية الموضوع أود أن اتناوله موضحا فلسفة إنشاءها منذ أن كلفت بأن اقوم بمهام تأسيس اول كلية بمصر والشرق الأوسط عام 2010 كأول عميد لكلية الثروة السمكية بالسويس.

وقد قمت بدراسات عديدة نحو تحديد فلسفة الكلية واتجاهاتها العلمية ومشاركتها فى التنمية الاقتصادية للدولة المصرية. ويعلم الكثير أن قطاع الثروة السمكية يعتبره البعض قطاع حرفى وذلك لارتباطه بنشاط الصيد الذى لن يصل فى مصر إلى مستوى الصناعة .. واقتصر على مراكب الصيد الصغيرة والمتوسطة وظل هكذا إلى أن تم تطوير الاستزراع المائي وتنمية تقنياته واحداث طفرة إنتاجية مصرية حولت القطاع إلى قطاع اقتصادى نظر لما يساهم به فى الدخل القوى وحجم الاستثمارات به والتى تصل إلى ما يقرب من 75 مليار جنيه. إلا أننا وجدنا أن مواردنا الطبيعية المائية فى مصر والتى تزيد عن 13 مليون فدان بالإضافة الى المساحات البحرية الأخرى إلى حددتها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 غير مستغلة بكفاءة.

وعلى ذلك وجدنا أنفسنا أمام قطاع حيوى كبير واعد  وجاذب للاستثمار ومولد لفرص العمل.

وعلى ذلك فأن قطاع الثروة السمكية ليس قطاع اقتصاديا فحسب بل هو قطاع استراتيجى للأمن القومي والعلاقات الدولية. ويرجع إلى المعارك الكبيرة والقديمة بين الدول الصناعية الكبرى والدول النامية حول الملاحة  والاستغلال الاقتصادى للموارد البحرية للدول الشاطئية سواء كانت البحار أو المحيطات. أرادت الدول الكبرى أن يحدد البحر الإقليمى (المياه الإقليمية) لها بمقدرة مدافعها على حمايتها الأمر الذى يجعل الدول النامية غير آمنة عسكريا حيث أن مقدرتها لن تتعدى الثلاث أميال وبالتالى حرمانها من الإستغلال الاقتصادى لمورد من مواردها الطبيعية اهامة وخاصة بالثروة السمكية. وعقدت الأمم المتحدة ثلاث مؤتمرات سميت بمؤتمرات نيويورك لتنظيم شئون البحار انتهت جميعها بالفشل إلى أن تقدم سفير دولة مالطا بمذكرة إلى الأمم المتحدة يحذر فيها من هجوم الدول الكبرى على الثروات البحرية سواء الحية أو غير الحية وحرمان الدول النامية منها ويعلن تخوفة من الثرات بقاع البحار ويطلب حمايتها باعتبارها تراث مشترك للإنسانية. الأمر الذى انتهى بإنشاء المنظمة البحرية العالمية والتى أصدرت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 وفيه تم تحديد المياه الإقليمية بعد 12 ميل بحرى من خط الأساس كما تم تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة والتى تبعد ،200 ميل وان للدول الشاطئية حق الاستغلال الاقتصادي دون غيرها من الثروات البحرية بالمياه أو القاع أو الهواء. ويعتبر هذا انتصارا كبير للدول النامية يتطلب معه أن تحافظ عليه.

ولم يهتم المسئولين عن الثروة السمكية فى منذ عام 1982 إلى هذه المكاسب بل قصرت الصيد البحرى على المياه الإقليمية وتركت أسلحة مفتوحة لاساطيل الدول الأخرى لانتهاك مياهنا بالمنطقة الاقتصادية وسلب خيراتها.

ومن هنا جاءت فلسفة عمل كلية الثروة السمكية على أساس فرض السيادة المصرية الاقتصادية على المنطقة الاقتصادية الخالصة بالبحرين المتوسط والأحمر جنبا إلى جنب مع السيطرة الأمنية والتى تقوم بها القوات البحرية وذالك لزيادة القوة البحرية المصرية والتى تضم أسطول النقل البحرى - أسطول الصيد البحرى - الأنشطة البترولية والغاز الطبيعي - الأنشطة الصناعية-  أنشطة استزراع البحار بهده حماية ممتلكاتك. وكم كنت سعيدا عندما تبنت القيادة السياسية هذا المفهوم وراحت تعقد الاتفاقيات مع الدول لترسيم الحدود وقد نجم عن ذلك خير كثير للدولة وما زال هناك الكثير الذى يمكن إضافته للمواطن المصري.

مصر غير مصنفه أن لديها أسطول صيد بحرى وهذا لا يليق بدولة تمتلك 2500 كم سواحل على بحرين من أهم الممرات البحرية فى العالم. ولهذا كان حتما أن نراعى كل ما سبق فى إعداد خريج قادر على الإبحار بسفينة صيد معتمدة إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة واكتشاف تجمعات الأسماك الاقتصادية وصيدها وتداولها وتصنيعها  بطرق صحة واعدادها للتسويق سواء محليا أو دوليا. فضلا عن تطبيق التقنيات الحديثة الاستزراع البحرى ونظم استزراع البحار لتوفير الغذاء والطاقة والمنتجات البحرية والتى يستخلص منها المواد العلاجية والطبية.

وتعتبر كلية الاستزراع المائي والمصايد البحرية - جامعة العريش وهى تمثل الحلقة الثانية فى تطوير التعليم العالى البحرى/ السمكى فى مصر وذلك لما لها من عراقة فى التخصص وتوافر بنية تحتية غير موجودة بأى من المؤسسات الجامعية الأخرى. حيث تم تطوير قسم الثروة السمكية والاحياء المائية بكلية العلوم الزراعيه البيئية والذى أنشئ عام  1986 وقد قدم أكثر من 100 رسالة علمية فى مختلف تخصصات الثروة السمكية بأجنحتها المختلفة سواء  دراسات بيولوجية ومصائدية للبحر المتوسط وبحيرة البردويل. فضلا على الدراسات والبحوث والرسائل العلمية فى مجالات الاستزراع البحرى والاستزراع الصحرا وى وتصنيع اعلاف الأسماك وغيرها.